بعد التحالف الإسباني الفرنسي في موضوع الصحراء الغربية أواخر خمسينيات القرن الماضي، انتقل المغرب في بداية الستينيات بهذه القضية إلى لجنة الأمم المتحدة لتصفية الاستعمار، وكان موقف إسبانيا رفض المطالبة المغربية بينما فضل المغرب الانتظار حتى سنة 1974 حين اكتشفت إسبانيا الفوسفات في بوكراع قريباً من العيون. حينها قبلت مبدأ تقرير المصير للصحراء على أساس تكوين دولة مصطنعة تحت النفوذ الإسباني. ولكي تضمن إسبانيا فرانكو حياد الجزائر أو استمالتها، طرحت فكرة استغلال مشترك لفوسفات الصحراء بين إسبانيا والجزائر مدة 50 سنة تحت علم دولة مصطنعة تعيش تحت النفوذ الإسباني والجزائري.
وقام المرحوم الحسن الثاني ملك المملكة المغربية بالطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تستصدر من محكمة العدل الدولية بلاهاي فتوى في الخلاف بين المغرب وإسبانيا حول الصحراء الغربية: المغرب يقول إن الصحراء كانت دائماً مغربية، تربطها بملك المغرب علاقات البيعة إلى أن احتلتها إسبانيا أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر. أما إسبانيا فتقول إنها وجدت الصحراء أرضاً خلاءً غير منضوية تحت أية دولة. وقد وافقت الأمم المتحدة على الاقتراح المغربي فوجهت سؤالاً في الموضوع إلى محكمة العدل الدولية يوم 13 ديسمبر 1974. شكلت المحكمة لجنة لتقصي الحقائق والاستماع إلى شهادة الدول المجاورة، وهي إسبانيا والجزائر وموريتانيا. وكانت النتيجة أن انقسم الشهود في المحكمة إلى فريقين: فريق يتكون من إسبانيا والجزائر، وفريق يتكون من المغرب وموريتانيا. وبعد مداولات ماراثونية أصدرت المحكمة رأيها في 16 أكتوبر 1975 تقول فيه: "الصحراء لم تكن أرضاً سائبة، هناك علاقات بيعة من بعض القبائل لسلطان المغرب، لكن ليست هناك سيادة ترابية قد تؤثر على تطبيق مبدأ تقرير المصير وتعبير السكان عن إرادتهم".
لن نتابع هنا المتاهات التي عرفتها القضية في الأمم المتحدة. فقد كانت سياسة "نعم" و"لا" تحكم مسارها منذ البداية وإلى اليوم...
والتصريح الأخير لمجلس الأمن، الصادر قبل شهرين، حول مقترح الحكم الذاتي في الصحراء الذي قدمه المغرب كان من هذا النوع: الثناء على المقترح المغربي في بداية التصريح، وتأكيد حق تقرير المصير في نهايته.