التصور الماهوي للطبيعة الإنسانية:
بافتراض وجود طبيعة إنسانية، ماهي الصفة المميزة لها؟ إن أول خاصية تقفز
إلى الأذهان هي الطبيعة العاقلة، خصوصا وأن العقل هو أعدل الأشياء قسمة
بين الناس حسب ديكارت . يقول التعريف الشهير "الإنسان حيوان عاقل". إنه
حيوان أولا لأنه يشارك الحيوان وظائف الحياة وضروراتها كالتغذية، النمو،
التكاثر...ولأن قسما من سلوكاته كما يقول أرسطو تمليها الغريزة والعادة،
بيد أنه ليس مجرد حيوان لأن عاملا آخر ينضاف فيما يخص الإنسان ألا وهو
التفكير أو التدبير العقلي الذي يهب سلوكاته بعدا غائيا وأخلاقيا ويخرجه
من دائرة ضغوط الحاجات الحيوية، بل ويضعه أحيانا ضد الغريزة والعادة:
الزهد، الصوم،رفض المألوف، تدمير الذات...
وثمة صفة أخرى يجعلها البعض
علامة مميزة للطبيعة الإنسانية يعبر عنها وصف أرسطو للإنسان في كتاب
"السياسة" بالحيوان السياسي أو المدني إشارة إلى ميله بالطبيعة إلى العيش
ضمن جماعة (مدينة/ مجتمع) ذات تنظيم وتراتبية تحافظ عليهما قوانين وأعراف
وعادات وقيم، وبعبارة أخرى فطبيعة الإنسان تكمن في نزوعه إلى صنع القاعدة
المانعة أو المحرمة كشرط للتنظيم سواء كان بسيطا كما في المجتمعات
البدائية أو معقدا تتطلب الإحاطة به الرجوع إلى مجلدات ومدونات كما في
المجتمعات الصناعية. وإن المرء ليندهش للعدد الهائل والتنوع الشديد الذي
يميزالتنظيماتالإجتماعية الإنسانية عبر المجتمعات والأزمنة التاريخي[/color][/color][/size][/font][/size][/size][/size]